أحبائي، هيا بنا نشكر الرب لأنه يحمينا من نتائج أخطائنا مهما كانت.. بسبب العهد. فيوم قبلت الرب يسوع في قلبك مخلصاً وغسلك بدمائه الثمينة، فأنت قد دخلت معه في عهد أبدي "فمررت بكِ ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب. فبسطت ذيلي عليكِ وسترت عورتك وحلفت لكِ ودخلت معك في عهد.. فصرت لي" (حز16: .
وإذ نجتاز في رحلة حياتنا على الأرض كثيراً ما نخطئ، أحياناً بسبب خبرات الماضي وما مر بنا في مرحلة الطفولة وإما بسبب عدم النضوج الروحي فنجد أنفسنا نخطئ، بل وقد نكرر أخطائنا مرات كثيرة. فهناك أشخاص في حياتهم نقاط ضعف تدفعهم لارتكاب أخطاء مثل الخوف الذي يدفع للكذب، أو الغضب والامتلاء بالغيظ الذي يقود إلى ردود الأفعال العنيفة الخالية من الحكمة. وهذه كلها تأتي بنتائج سلبية قد تفقدك الاستقرار العائلي، أو عملك وثقة مَنْ حولك، أو قد يصل الأمر في أن تفقد مالك، وقد تفقد كل ما هو أثمن من ذلك وهو علاقتك الحية مع الرب.
ولكن في وسط كل هذا افرح لأن الرب قد دخل معك ومعي في عهد أبدي لا ينقطع، عهد ثابت، كامل ومؤمن. فكما يترأف الأب على البنين يترأف الرب علينا، يرد أنفسنا ويحمينا من كل أخطائنا ونتائجها. فكلمة الله تقول "يا ذرية إسرائيل عبده وبني يعقوب مختاريه. هو الرب إلهنا في كل الأرض أحكامه. اذكروا إلى الأبد عهده الكلمة التي أوصى بها إلى ألف جيل. الذي قطعه مع إبراهيم. وقسمه لإسحق. وقد أقامه ليعقوب فريضة ولإسرائيل عهداً أبدياً قائلاً لك أعطي أرض كنعان حبل ميراثكم. حين كنتم عدداً قليلاً قليلين جداً وغرباء فيها. وذهبوا من أمة إلى أمة ومن مملكة إلى شعب آخر. لم يدع أحداً يظلمهم بل وبخ من أجلهم ملوكاً. لا تمسوا مسحائي ولا تؤذوا أنبيائي" (1اخ 16: 13-22).
هيا تذكر كل وعود الرب والكلمات التي أطلقها على حياتك، وثق أنه سيأتي زمان تحقيقها، لان الذي وعد هو أمين.. هو حافظ العهد لعبيده السائرين أمامه بكل قلوبهم (2 أخ6: 14). لذا أدعوك أن تطرح كل مخاوفك وتمتلئ بالإحساس بالأمان بسبب عهد الرب معك، وتذكر كيف كان الرب أميناً مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، من جيل إلى جيل والرب يذكرهم بأنه هو حافظ العهد، وأنه إله تحقيق الوعود.
إله إبراهيم: "في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطى هذه الأرض.." (تك15: 18).
إله إسحق: وتمضى الأيام والسنين ويُذكِّر الرب إسحق بعهده مع إبراهيم أبيه "فظهر له الرب في تلك الليلة.. لا تخف لأني معك وأباركك وأكثر نسلك من أجل إبراهيم عبدي" (تك26: 24).
إله يعقوب: فالله لا ينسى الوعود والعهود، يأتي ليعقوب وهو في قمة ضعفه، هارباً في البرية ويذكره بعهده وأنه قادر على تحقيق وتتميم هذا العهد ".. أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق. الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك.. وتمتد غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً.. وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض. لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به" (تك28: 13-15).
ما أروع وأقوى هذا العهد لأنه قائم على محبة ونعمة وأمانة الله لنا.. فثق أن الرب لن يتركك حتى يفعل ما كلمك به. سيسير معك رحلة حياتك لحظة بلحظة. في أوقات الضعف سيتعامل معك ليشكل إنائك وأوقات القوة سيمدح ويشجع فيها إيمانك. لا تخف فالرب لن يتركك أبداً في منتصف الطريق بسبب أخطائك المتكررة لأنه لا يفشل معك إذ صرت مربوطاً معه في عهد "لم يدع أحداً يظلمهم". وسنتأمل معاً عزيزي القارئ من خلال هذه الرسالة في شخصيتين من الكتاب المقدس وصفتهما كلمة الله بأنهما رجال الله وأنبيائه.. ورغم أخطاءهم، إلا أن الرب حفظ عهده معهما فستر بنعمته أخطائهما وضعفاتهما، ولم يحصدا نتائجها السلبية:
1- داود الغاضب والمغتاظ.. وردود أفعاله العنيفة.. فهل يحميه الرب؟
نعم يحميه الرب بسبب العهد "إلى الدهر أحفظ له رحمتي. وعهدي يثبت له.. لا أنقض عهدي ولا أغير ما خرج من شفتي" (مز89: 28،34). بالفعل قد أخطأ داود، فنجد في (1صم 25) رجلاً قاسياً ورديء الأعمال اسمه نابال كان يجز غنمه، فأرسل إليه داود غلمانه قائلاً ".. فليجد الغلمان نعمة في عينيك لأننا قد جئنا في يوم طيب. فأعط ما وجدته يدك لعبيدك ولابنك داود". ورد عليه نابال بحماقة قائلاً: "مَنْ هو داود؟ ومن هو ابن يسى؟ قد كثر اليوم العبيد الذين يفحصون كل واحد من أمام سيده...". حتماً لقد أثارت تلك الكلمات الساخرة غضب داود، فاغتاظ جداً في لحظات قليلة، وكان رد فعله ".. ليتقلد كل واحد سيفه. وتقلد داود أيضاً سيفه". نعم إتخذ داود قراراً سريعاً بقتل نابال. ففي قمة غضبه نسى داود أنه قد دُعيَّ من الرب ليكون ملك إسرائيل وأن له خطة من قِبل الرب. ولكن الرب كان أميناً معه وحفظ له عهده، فأرسل له أبيجايل امرأة نابال وهي حكيمة جداً لتقابله في طريقه وتمنعه عن قتل نابال، وتنطق له بكلمات الحكمة ".. ولكن نفس سيدي لتكن محزومة في حزمة الحياة مع الرب إلهك وأما نفس أعدائك فليرمِ بها كما من وسط كفة المقلاع. ويكون عندما.. يقيمك (الرب) رئيساً على إسرائيل أنه لا تكون لك هذه مصدمة ومعثرة قلب لسيدي أنك قد سفكت دماً أو أن سيدي قد انتقم لنفسه" (1صم25: 29-31).
طلبت ابيجايل من داود ألا يقتل زوجها لأن حياة داود ثمينة جداً ولها خطة عند الرب، ذكرته بأنه سيكون ملك إسرائيل.. وأن نفسه ثمينة وحياته قيمة محزومة في حزمة الحياة مع الرب. فقديماً كانوا يضعون كل الأشياء الثمينة والمقتنيات الغالية في حزمة للحفاظ عليها من التلف أو الضياع، وأما الأعداء فيكونون في كفة المقلاع أي يحزمون مع الأشياء التي ليس لها قيمة للحرق.
هيا عزيزي القارئ اعلن إيمانك أن حياتك ثمينة جداً لدى الرب، أنت وإلهك في حزمة واحدة ولن يتركك للضياع رغم كل أخطائك، سيحميك وينجيك من كل تصرفاتك المتسرعة، من كل ردود أفعالك العنيفة المملؤة بالغضب. لا تغتاظ سريعاً مثل داود، ولا تنتقم لنفسك أو تضيع حياتك بسبب إغاظات العدو.
2- إبراهيم الخائف يندفع وراء الكذب.. ويفقد الإحساس الروحي.. فهل يحميه الرب؟
وهنا نحن لا نتحدث عن إبراهيم القوي رجل الإيمان، بل عن إبراهيم الضعيف، المتعب والتائه في أرض حاران حيث دعاه الرب ليذهب إلى أرض كنعان. ارتكب إبراهيم ثلاثة أخطاء، ولكن الرب كان معه وحفظه وحفظ كل ما له من نتائج تلك الأخطاء، ودفعه لتكميل خطته ودخول أرض كنعان بسبب عهده الأبدي معه وقسمه لإبراهيم. فلنتأمل معاً في تلك الأخطاء وكيف تعامل الرب معها بالنعمة والحب.
أ- الخطأ الأول: فقد الإحساس الروحي وكذبه على المصريين:
"وحدث جوع في الأرض. فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك" (تك12: 10-20). فقد إبراهيم إيمانه بتسديد احتياجاته في وسط الضيق والمجاعة والبرية، وخاف من الغد والمستقبل. لم يدعو الرب إبراهيم للدخول إلى أرض مصر بل كنعان، ولم يشر إليه قط بتلك الفكرة، ولكن إبراهيم اندفع بفكره وراء هذا القرار.. وقرر العودة إلى مصر رمز العبودية. والأكثر من هذا خاف من قتل المصريين له بسبب جمال ساراي امرأته، فطلب منها أن تقول نصف الحقيقية بأنها أخته وليست امرأته. وماذا كانت النتيجة؟ "فأخذت المرأة إلى بيت فرعون".
هل يحمي الرب أخطاء إبراهيم ويحفظ ساراي من الأذى؟. نعم وبكل تأكيد بسبب عهد الحب "فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي.. فدعا فرعون أبرام وقال.. لماذا لم تخبرني أنها امرأتك.. والآن هوذا امرأتك خذها واذهب". نعم حتماً سيصحح الرب أخطائك بالنعمة، وسيتدخل في الوقت المناسب الذي يراه هو ليمنع عنك الأذى ويرفع يد العدو من على حياتك. فالرب لم يحمي فقط إبراهيم وساراي، بل أخرجهم ثانيةً من مصر وأتى بهم إلى بيت إيل حيث العلاقة والشركة معه (تك13: 1، 2)، لكي يرد إبراهيم للمشيئة.. وللدخول إلى أرض كنعان وتحقيق وعده له.
ب- الخطأ الثاني: إبراهيم الخائف.. يكذب على أبيمالك:
وتمضى الأيام ويقع إبراهيم في نفس الخطأ، يخبر أبيمالك أن ساراي هي أخته فيأخذها أبيمالك معه (تك20: 1-7). ومرة أخرى نرى الرب إله النعمة والعهد يتدخل مرة أخرى ويظهر لأبيمالك في حلم قائلاً له "وأنا أيضاً أمسكتك عن أن تخطئ إليَّ لذلك لم أدعك تمسها.. فالآن رد امرأة الرجل فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا". ما أعظم الرب إلهنا إذ قد اعتبر خطأ أبيمالك مع ساراي خطئاً ضده هو نفسه "مَنْ يمسكم يمس حدقة عينه"، بل قد تفاضلت نعمة ربنا جداً إذ تحدث عن إبراهيم أنه نبي برغم كذبه وضعفه، معلناً أن له دعوة عظيمة وأنه ممسوح نبياً.
ت- الخطأ الثالث: عدم تصديق الوعد.. والزواج من هاجر :
وعد الرب إبراهيم أن يكون نسله كنجوم السماء في عددها، ولكن الوعد تأخر. والآن بلغت ساراي التسعين من عمرها وقد دخل الشك إلى قلبها، فطلبت من إبراهيم أن يدخل على جاريتها هاجر لتلد له أبناً (تك16: 1-6). وحبلت هاجر. والنتيجة أن ساراي بدأت تغتاظ وشعرت بصغر النفس "فقالت ساراي لأبرام ظلمي عليك.. أنا دفعت جاريتي إلى حضنك فلما رأت أنها حبلت صغرت في عينيها". هل تدرك عزيزي القارئ الدمار الذي لحق بتلك العائلة بسبب عدم الثقة في الرب:
1- قرار بزواج ليس في مشيئة الرب من جارية.
2- تحول هاجر من مجرد جارية إلى شخصية لها نفوذ "ولما رأت أنها حبلت صغرت مولاتها في عينيها".
3- إغاظة ساراي المستمرة.
4- سلبية إبراهيم وفقدانه القدرة على قيادة أمور العائلة "فقال أبرام لساراي هوذا جارتك في يدك. افعلي بها ما يحسن في عينيك".
أحبائي، ربما يعاني البعض من علاقات مدمرة في العائلات بسبب القرارات المتسرعة التي ليست حسب مشيئة الرب.. علاقات مشوهة مع الزوج.. الزوجة.. الأولاد مع الأباء.. ولكن ثق أن الرب يتدخل في وسط كل هذه الأحداث ليصحح ويرد كل شيء بسبب العهد الأبدي. فلترى كيف تدخل في عائلة إبراهيم:
1- "أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً فأجعل عهدي بيني وبينك وأكثرك كثيراً جداً" (تك17: 1، 2)
لقد أعلن الرب لإبراهيم أنه الإله القدير حافظ العهد، وأنه إذا إتضع أمام الرب وتاب، فسيحصد البركات.
2- "وقال الرب لإبراهيم ساراي امرأتك لا تدعو اسمها ساراي بل اسمها سارة" (تك17: 15).
نعم بارك الرب سارة التي سببت كل هذه المشاكل بمشورتها لإبراهيم بالزواج من هاجر، فدعا اسمها سارة أي أميرة.. لقد رد الرب لها الكرامة.
عزيزي القارئ، إن كنت تشعر بلوم بسبب أخطائك الكثيرة، فتذكر العهد. وإن كنت عجزت عن تصحيح نتائج أخطائك، فاتضع أمام الرب وتب عنها، وثق أنك لن تؤذى من فرعون بل ستنطلق وسيباركك الرب ويرد لك كل مسلوب. سر رحلتك مع الرب في أمان وطمأنينة لأنك معه في حزمة واحدة وحياتك ثمينة جداً لديه.
وإذ نجتاز في رحلة حياتنا على الأرض كثيراً ما نخطئ، أحياناً بسبب خبرات الماضي وما مر بنا في مرحلة الطفولة وإما بسبب عدم النضوج الروحي فنجد أنفسنا نخطئ، بل وقد نكرر أخطائنا مرات كثيرة. فهناك أشخاص في حياتهم نقاط ضعف تدفعهم لارتكاب أخطاء مثل الخوف الذي يدفع للكذب، أو الغضب والامتلاء بالغيظ الذي يقود إلى ردود الأفعال العنيفة الخالية من الحكمة. وهذه كلها تأتي بنتائج سلبية قد تفقدك الاستقرار العائلي، أو عملك وثقة مَنْ حولك، أو قد يصل الأمر في أن تفقد مالك، وقد تفقد كل ما هو أثمن من ذلك وهو علاقتك الحية مع الرب.
ولكن في وسط كل هذا افرح لأن الرب قد دخل معك ومعي في عهد أبدي لا ينقطع، عهد ثابت، كامل ومؤمن. فكما يترأف الأب على البنين يترأف الرب علينا، يرد أنفسنا ويحمينا من كل أخطائنا ونتائجها. فكلمة الله تقول "يا ذرية إسرائيل عبده وبني يعقوب مختاريه. هو الرب إلهنا في كل الأرض أحكامه. اذكروا إلى الأبد عهده الكلمة التي أوصى بها إلى ألف جيل. الذي قطعه مع إبراهيم. وقسمه لإسحق. وقد أقامه ليعقوب فريضة ولإسرائيل عهداً أبدياً قائلاً لك أعطي أرض كنعان حبل ميراثكم. حين كنتم عدداً قليلاً قليلين جداً وغرباء فيها. وذهبوا من أمة إلى أمة ومن مملكة إلى شعب آخر. لم يدع أحداً يظلمهم بل وبخ من أجلهم ملوكاً. لا تمسوا مسحائي ولا تؤذوا أنبيائي" (1اخ 16: 13-22).
هيا تذكر كل وعود الرب والكلمات التي أطلقها على حياتك، وثق أنه سيأتي زمان تحقيقها، لان الذي وعد هو أمين.. هو حافظ العهد لعبيده السائرين أمامه بكل قلوبهم (2 أخ6: 14). لذا أدعوك أن تطرح كل مخاوفك وتمتلئ بالإحساس بالأمان بسبب عهد الرب معك، وتذكر كيف كان الرب أميناً مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، من جيل إلى جيل والرب يذكرهم بأنه هو حافظ العهد، وأنه إله تحقيق الوعود.
إله إبراهيم: "في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطى هذه الأرض.." (تك15: 18).
إله إسحق: وتمضى الأيام والسنين ويُذكِّر الرب إسحق بعهده مع إبراهيم أبيه "فظهر له الرب في تلك الليلة.. لا تخف لأني معك وأباركك وأكثر نسلك من أجل إبراهيم عبدي" (تك26: 24).
إله يعقوب: فالله لا ينسى الوعود والعهود، يأتي ليعقوب وهو في قمة ضعفه، هارباً في البرية ويذكره بعهده وأنه قادر على تحقيق وتتميم هذا العهد ".. أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق. الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك.. وتمتد غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً.. وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض. لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به" (تك28: 13-15).
ما أروع وأقوى هذا العهد لأنه قائم على محبة ونعمة وأمانة الله لنا.. فثق أن الرب لن يتركك حتى يفعل ما كلمك به. سيسير معك رحلة حياتك لحظة بلحظة. في أوقات الضعف سيتعامل معك ليشكل إنائك وأوقات القوة سيمدح ويشجع فيها إيمانك. لا تخف فالرب لن يتركك أبداً في منتصف الطريق بسبب أخطائك المتكررة لأنه لا يفشل معك إذ صرت مربوطاً معه في عهد "لم يدع أحداً يظلمهم". وسنتأمل معاً عزيزي القارئ من خلال هذه الرسالة في شخصيتين من الكتاب المقدس وصفتهما كلمة الله بأنهما رجال الله وأنبيائه.. ورغم أخطاءهم، إلا أن الرب حفظ عهده معهما فستر بنعمته أخطائهما وضعفاتهما، ولم يحصدا نتائجها السلبية:
1- داود الغاضب والمغتاظ.. وردود أفعاله العنيفة.. فهل يحميه الرب؟
نعم يحميه الرب بسبب العهد "إلى الدهر أحفظ له رحمتي. وعهدي يثبت له.. لا أنقض عهدي ولا أغير ما خرج من شفتي" (مز89: 28،34). بالفعل قد أخطأ داود، فنجد في (1صم 25) رجلاً قاسياً ورديء الأعمال اسمه نابال كان يجز غنمه، فأرسل إليه داود غلمانه قائلاً ".. فليجد الغلمان نعمة في عينيك لأننا قد جئنا في يوم طيب. فأعط ما وجدته يدك لعبيدك ولابنك داود". ورد عليه نابال بحماقة قائلاً: "مَنْ هو داود؟ ومن هو ابن يسى؟ قد كثر اليوم العبيد الذين يفحصون كل واحد من أمام سيده...". حتماً لقد أثارت تلك الكلمات الساخرة غضب داود، فاغتاظ جداً في لحظات قليلة، وكان رد فعله ".. ليتقلد كل واحد سيفه. وتقلد داود أيضاً سيفه". نعم إتخذ داود قراراً سريعاً بقتل نابال. ففي قمة غضبه نسى داود أنه قد دُعيَّ من الرب ليكون ملك إسرائيل وأن له خطة من قِبل الرب. ولكن الرب كان أميناً معه وحفظ له عهده، فأرسل له أبيجايل امرأة نابال وهي حكيمة جداً لتقابله في طريقه وتمنعه عن قتل نابال، وتنطق له بكلمات الحكمة ".. ولكن نفس سيدي لتكن محزومة في حزمة الحياة مع الرب إلهك وأما نفس أعدائك فليرمِ بها كما من وسط كفة المقلاع. ويكون عندما.. يقيمك (الرب) رئيساً على إسرائيل أنه لا تكون لك هذه مصدمة ومعثرة قلب لسيدي أنك قد سفكت دماً أو أن سيدي قد انتقم لنفسه" (1صم25: 29-31).
طلبت ابيجايل من داود ألا يقتل زوجها لأن حياة داود ثمينة جداً ولها خطة عند الرب، ذكرته بأنه سيكون ملك إسرائيل.. وأن نفسه ثمينة وحياته قيمة محزومة في حزمة الحياة مع الرب. فقديماً كانوا يضعون كل الأشياء الثمينة والمقتنيات الغالية في حزمة للحفاظ عليها من التلف أو الضياع، وأما الأعداء فيكونون في كفة المقلاع أي يحزمون مع الأشياء التي ليس لها قيمة للحرق.
هيا عزيزي القارئ اعلن إيمانك أن حياتك ثمينة جداً لدى الرب، أنت وإلهك في حزمة واحدة ولن يتركك للضياع رغم كل أخطائك، سيحميك وينجيك من كل تصرفاتك المتسرعة، من كل ردود أفعالك العنيفة المملؤة بالغضب. لا تغتاظ سريعاً مثل داود، ولا تنتقم لنفسك أو تضيع حياتك بسبب إغاظات العدو.
2- إبراهيم الخائف يندفع وراء الكذب.. ويفقد الإحساس الروحي.. فهل يحميه الرب؟
وهنا نحن لا نتحدث عن إبراهيم القوي رجل الإيمان، بل عن إبراهيم الضعيف، المتعب والتائه في أرض حاران حيث دعاه الرب ليذهب إلى أرض كنعان. ارتكب إبراهيم ثلاثة أخطاء، ولكن الرب كان معه وحفظه وحفظ كل ما له من نتائج تلك الأخطاء، ودفعه لتكميل خطته ودخول أرض كنعان بسبب عهده الأبدي معه وقسمه لإبراهيم. فلنتأمل معاً في تلك الأخطاء وكيف تعامل الرب معها بالنعمة والحب.
أ- الخطأ الأول: فقد الإحساس الروحي وكذبه على المصريين:
"وحدث جوع في الأرض. فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك" (تك12: 10-20). فقد إبراهيم إيمانه بتسديد احتياجاته في وسط الضيق والمجاعة والبرية، وخاف من الغد والمستقبل. لم يدعو الرب إبراهيم للدخول إلى أرض مصر بل كنعان، ولم يشر إليه قط بتلك الفكرة، ولكن إبراهيم اندفع بفكره وراء هذا القرار.. وقرر العودة إلى مصر رمز العبودية. والأكثر من هذا خاف من قتل المصريين له بسبب جمال ساراي امرأته، فطلب منها أن تقول نصف الحقيقية بأنها أخته وليست امرأته. وماذا كانت النتيجة؟ "فأخذت المرأة إلى بيت فرعون".
هل يحمي الرب أخطاء إبراهيم ويحفظ ساراي من الأذى؟. نعم وبكل تأكيد بسبب عهد الحب "فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي.. فدعا فرعون أبرام وقال.. لماذا لم تخبرني أنها امرأتك.. والآن هوذا امرأتك خذها واذهب". نعم حتماً سيصحح الرب أخطائك بالنعمة، وسيتدخل في الوقت المناسب الذي يراه هو ليمنع عنك الأذى ويرفع يد العدو من على حياتك. فالرب لم يحمي فقط إبراهيم وساراي، بل أخرجهم ثانيةً من مصر وأتى بهم إلى بيت إيل حيث العلاقة والشركة معه (تك13: 1، 2)، لكي يرد إبراهيم للمشيئة.. وللدخول إلى أرض كنعان وتحقيق وعده له.
ب- الخطأ الثاني: إبراهيم الخائف.. يكذب على أبيمالك:
وتمضى الأيام ويقع إبراهيم في نفس الخطأ، يخبر أبيمالك أن ساراي هي أخته فيأخذها أبيمالك معه (تك20: 1-7). ومرة أخرى نرى الرب إله النعمة والعهد يتدخل مرة أخرى ويظهر لأبيمالك في حلم قائلاً له "وأنا أيضاً أمسكتك عن أن تخطئ إليَّ لذلك لم أدعك تمسها.. فالآن رد امرأة الرجل فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا". ما أعظم الرب إلهنا إذ قد اعتبر خطأ أبيمالك مع ساراي خطئاً ضده هو نفسه "مَنْ يمسكم يمس حدقة عينه"، بل قد تفاضلت نعمة ربنا جداً إذ تحدث عن إبراهيم أنه نبي برغم كذبه وضعفه، معلناً أن له دعوة عظيمة وأنه ممسوح نبياً.
ت- الخطأ الثالث: عدم تصديق الوعد.. والزواج من هاجر :
وعد الرب إبراهيم أن يكون نسله كنجوم السماء في عددها، ولكن الوعد تأخر. والآن بلغت ساراي التسعين من عمرها وقد دخل الشك إلى قلبها، فطلبت من إبراهيم أن يدخل على جاريتها هاجر لتلد له أبناً (تك16: 1-6). وحبلت هاجر. والنتيجة أن ساراي بدأت تغتاظ وشعرت بصغر النفس "فقالت ساراي لأبرام ظلمي عليك.. أنا دفعت جاريتي إلى حضنك فلما رأت أنها حبلت صغرت في عينيها". هل تدرك عزيزي القارئ الدمار الذي لحق بتلك العائلة بسبب عدم الثقة في الرب:
1- قرار بزواج ليس في مشيئة الرب من جارية.
2- تحول هاجر من مجرد جارية إلى شخصية لها نفوذ "ولما رأت أنها حبلت صغرت مولاتها في عينيها".
3- إغاظة ساراي المستمرة.
4- سلبية إبراهيم وفقدانه القدرة على قيادة أمور العائلة "فقال أبرام لساراي هوذا جارتك في يدك. افعلي بها ما يحسن في عينيك".
أحبائي، ربما يعاني البعض من علاقات مدمرة في العائلات بسبب القرارات المتسرعة التي ليست حسب مشيئة الرب.. علاقات مشوهة مع الزوج.. الزوجة.. الأولاد مع الأباء.. ولكن ثق أن الرب يتدخل في وسط كل هذه الأحداث ليصحح ويرد كل شيء بسبب العهد الأبدي. فلترى كيف تدخل في عائلة إبراهيم:
1- "أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً فأجعل عهدي بيني وبينك وأكثرك كثيراً جداً" (تك17: 1، 2)
لقد أعلن الرب لإبراهيم أنه الإله القدير حافظ العهد، وأنه إذا إتضع أمام الرب وتاب، فسيحصد البركات.
2- "وقال الرب لإبراهيم ساراي امرأتك لا تدعو اسمها ساراي بل اسمها سارة" (تك17: 15).
نعم بارك الرب سارة التي سببت كل هذه المشاكل بمشورتها لإبراهيم بالزواج من هاجر، فدعا اسمها سارة أي أميرة.. لقد رد الرب لها الكرامة.
عزيزي القارئ، إن كنت تشعر بلوم بسبب أخطائك الكثيرة، فتذكر العهد. وإن كنت عجزت عن تصحيح نتائج أخطائك، فاتضع أمام الرب وتب عنها، وثق أنك لن تؤذى من فرعون بل ستنطلق وسيباركك الرب ويرد لك كل مسلوب. سر رحلتك مع الرب في أمان وطمأنينة لأنك معه في حزمة واحدة وحياتك ثمينة جداً لديه.
يا رب أشكرك من أجل عهد الحب والنعمة الذي ربطني معك..
كَمْ أنا غالي وثمين عندك حتى في ضعفي؛ فالذي يخطئ إليَّ كأنه أخطأ إليك..
يا رب أشكرك لأنه من جيل إلى جيل أنت تحفظ الوعود..
السماء والأرض تزولان ولكن كلامك ووعودك لي ثابتة لذا فأني أنتظر زمان تحقيقها مطمئناً..
وإن أخطأت بسبب ضعفي وعدم إيماني أنت تحميني وترد لي كل مسلوب..
أسبحك.. أعظمك.. يا إله إبراهيم وإسحق ويعقوب وعبدك.
كَمْ أنا غالي وثمين عندك حتى في ضعفي؛ فالذي يخطئ إليَّ كأنه أخطأ إليك..
يا رب أشكرك لأنه من جيل إلى جيل أنت تحفظ الوعود..
السماء والأرض تزولان ولكن كلامك ووعودك لي ثابتة لذا فأني أنتظر زمان تحقيقها مطمئناً..
وإن أخطأت بسبب ضعفي وعدم إيماني أنت تحميني وترد لي كل مسلوب..
أسبحك.. أعظمك.. يا إله إبراهيم وإسحق ويعقوب وعبدك.