بين الحياه والموت
- أريد أن أذهب لمدارس الأحد يا بابا.
- سيبك يا تامر من هذه الأمور التي تضيع الوقت ولا فائدة منها ، بتتعلم إيه هناك ؟ أنا دخلتك مدرسة خاصة بخمسة آلاف جنيه في السنة بتتعلم فيها أحسن حاجة.
- بس يا بابا المدرسة مش هتعلمني أصلي.
- وما فائدة الصلاة ؟ أنا عايزك تبقى عملي ولا تتكل على هذه الأمور لازم يكون عندك مخ تستعمله لحل مشاكلك ، مش كل ما تيجي مشكلة تقعد تصلي زي الست المحترمة والدتك ، و تتعلم الدروشة..... روح نام ، بكره حتقوم بدري للمدرسة.
و في الصباح فتح الأب عينيه على صوت جرس التليفون وبين اليقظة والنوم أمسك بالسماعة ليجد صوت غريب يقول له في أسى : أستاذ كمال ابنك تامر في المستشفى بين الحياة والموت ....
قفز الأب مذعورا وراح يصرخ بأعلى صوته : مستشفى!!! إيه اللي حصل ؟؟؟
قال له الرجل : أتوبــيس المــدرسة عمـل حـادثة وابنك حـالته خطيرة جدا.
لا أحد يستطيع وصف حالة الأب في هذه اللحظات القاسية ، ارتجف جسده رعبا وعجزت قدماه على حمله و هو يسمع إن أتوبيس المدرسة اصطدم بمقطورة على طريق القطامية ومات ثلاثة أطفال وأربعة آخرون إصابتهم خطيرة.
كان المشهد مروعا بالمستشفى ، الكل يهرول في اتجاه غرفة العمليات وعندما لمح الأب طبيبا خارجا من حجرة العمليات سأله : ابني تامر.....حصل له إيه ؟ طمني يا دكتور
قال له الدكتور: الحالة حرجة وربنا معاه.
زادت مخاوف الأب المرعوب واستند إلي الحائط وارتمى على الأرض يبكي كطفل صغير ، الابن الذي ظل ينتظره سنوات طويلة ، الآن بين الحياة والموت ، ماذا سيكون مصيره ؟
قام الأب بخطوات متثاقلة و وجد أمامه حجرة خالية دخل فيها ولأول مرة في حياته رفع صلاة من أعماق قلبه :
( أنا يارب اللي قلت بالأمس إنه لا فائدة من الصلاة ..... أنا يارب اللي عاندتك طول السنين و رفضت توسلات زوجتي للذهاب للكنيسة ..... أنا يارب اللي عشت حياتي بالطول والعرض..... أنا يارب اللي كنت فاكر إن ذكائي هو سر نجاحي وإني قادر على حل أصعب المشكلات بأموالي الكثيرة ولم أكن أعلم الإ الآن أني غبي ومسكين ، هل ذكائي وأموالي ومركزي وثقافتي تستطيع أن تهب ابني الحياة ؟ لقد سمعت من ابني عندما عاد من مدارس الأحد قصة الابن الضال و إنك مستعد أن تصفح عن أولادك عندما تتأكد من توبتهم ، أنا الابن الضال ، إن كنت أنا أحب ابني لهذه الدرجة فبالتأكيد أن محبتك لي تفوق محبتي لابني ، استمع صلاتي ، انظر لدموعي ، انقذ ابني وسأعيش بقية عمري لك وأربي ابني في محبتك )
مضت ساعتان وعندما خرج كمال من الحجرة وجد الطفل تامر خارجا من حجرة العمليات ولم يفق بعد من التخدير إلا إنه سمع الطبيب يقول للأم : إن حالته كانت خطيرة ولكن الحمد لله لحقنا ننقذه .
شعر كمال إن صلاته وصلت إلي قلب الله و إن الله هو الذي أنقذ ليس تامر فقط بل أنقذه هو أيضا وسرى السلام في قلبه الذي كان يرتجف منذ قليل فقد سلم حياته وحياة ابنه لله المحب القادر على كل شئ .
ملحوظة: حادثة حقيقية ذكرت في جريدة أخبار اليوم في 13 / 12 / 2003
قد سمعت صلاتك قد رايت دموعك هانذا اشفيك ( 2مل 20 : 5 )