نظرة موضوعية للعملية التعليمية
بقلم/ شريف رمزى المحامى
الصف الثالث الإعدادي:
كانت الشهادة الإعدادية هي المَحك الحقيقي لمدى قدرتي على النجاح وإثبات عكس ما يعتقدونه من كوني طالب فاشل، لذلك حرصت على بذل كل جهد ممكن في المذاكرة..استيقظت ذات صباح لأبدأ في مراجعة دروسي قبل الذهاب للمدرسة، وقبل أن أشرع في المذاكرة طلبت مني والدتي الذهاب لشراء الخبز.. فاعتذرت لها لرغبتي في مراجعة دروسي وطلبت منها أن ترسل أخي الصغير لشراء الخبز، لكنها لم تقتنع وصاحت في سخرية: يعني مشوار العيش هو اللي ها يعطلك، ولا ديه حجة عشان لما تفشل في الدراسة محدش يعاقبك..أغلقت الكتاب، وأمسكت بقفص العيش وخرجت في اتجاه المخبز حتى أوفر على نفسي مزيداً من النقاش وأكسب الدقائق المتبقية.. لكن للأسف، أمام شباك المخبز كان هناك طابور طويل من البشر.. كان الزحام شديد جداً، ووقعت أنا في حيص بيص.. فإما أن أعود بدون الخبز لأراجع دروسي، أو أخترق هذا الزحام وأعود بالخبز بعد أن يكون الوقت قد ضاع.. وطبعاً فضَّلت الحل الثاني حتى لا أُغضب والدتي مني...وبعد ساعات عُدت إلى المنزل مهرولاً حاملاً قفص العيش فوق رأسي حتى ألحق بموعد المدرسة، وكان والدي في انتظاري، وفور دخولي من الباب بادرني قائلاً: "بقالك أرع ساعات في الفُرن، كل ده عشان متفتحش كتاب.. فالح بس هات فلوس مصروف، هات فلوس الدرس.. واحد فاشل زيك خسارة فيه قرش تعريفة.."كانت كلمات والدي لي بمثابة تشجيع.. نعم فقد أثارت حميتي ودفعتني لبذل مزيد من الجهد، فربما أقنعته بالعكس... وفي النهاية تمكنت من اجتياز المرحلة الإعدادية وبمجموع مرتفع، لكني أبداً لم أتمكن من تغيير فكرته..
بقلم/ شريف رمزى المحامى
الصف الثالث الإعدادي:
كانت الشهادة الإعدادية هي المَحك الحقيقي لمدى قدرتي على النجاح وإثبات عكس ما يعتقدونه من كوني طالب فاشل، لذلك حرصت على بذل كل جهد ممكن في المذاكرة..استيقظت ذات صباح لأبدأ في مراجعة دروسي قبل الذهاب للمدرسة، وقبل أن أشرع في المذاكرة طلبت مني والدتي الذهاب لشراء الخبز.. فاعتذرت لها لرغبتي في مراجعة دروسي وطلبت منها أن ترسل أخي الصغير لشراء الخبز، لكنها لم تقتنع وصاحت في سخرية: يعني مشوار العيش هو اللي ها يعطلك، ولا ديه حجة عشان لما تفشل في الدراسة محدش يعاقبك..أغلقت الكتاب، وأمسكت بقفص العيش وخرجت في اتجاه المخبز حتى أوفر على نفسي مزيداً من النقاش وأكسب الدقائق المتبقية.. لكن للأسف، أمام شباك المخبز كان هناك طابور طويل من البشر.. كان الزحام شديد جداً، ووقعت أنا في حيص بيص.. فإما أن أعود بدون الخبز لأراجع دروسي، أو أخترق هذا الزحام وأعود بالخبز بعد أن يكون الوقت قد ضاع.. وطبعاً فضَّلت الحل الثاني حتى لا أُغضب والدتي مني...وبعد ساعات عُدت إلى المنزل مهرولاً حاملاً قفص العيش فوق رأسي حتى ألحق بموعد المدرسة، وكان والدي في انتظاري، وفور دخولي من الباب بادرني قائلاً: "بقالك أرع ساعات في الفُرن، كل ده عشان متفتحش كتاب.. فالح بس هات فلوس مصروف، هات فلوس الدرس.. واحد فاشل زيك خسارة فيه قرش تعريفة.."كانت كلمات والدي لي بمثابة تشجيع.. نعم فقد أثارت حميتي ودفعتني لبذل مزيد من الجهد، فربما أقنعته بالعكس... وفي النهاية تمكنت من اجتياز المرحلة الإعدادية وبمجموع مرتفع، لكني أبداً لم أتمكن من تغيير فكرته..
المرحلة الثانوية:
كان رأي والدي أن أختصر الطريق وأقدم أوراقي في مدرسة للتعليم الصناعي، ولم تتفق رغبته مع ميولي وطموحاتي فقدمت أوراقي في مدرسة ثانوي.. وكان قرار والدي كالتالي: "بما إنك فاشل، وبما إني متأكد من عدم نجاحك واستحالة دخولك كلية أو حتى معهد، فأنا غير مسئول عنك"..في الحقيقة وحتى أكون مُنصفاً لم يقل والدي ذلك، لكنه فعل كذلك.. فلم يَعد يعنيه عن كنت أهتم بدروسي أم لا، ولا متى أذهب أو أعود، وكان شعاره في ذلك: "اللي يشيل قربة مخرومة بتخُر على دماغه".. ولأنني اخترت طريقي بنفسي فقد كان عليَّ أن أتحمل النتيجة بمفردي..في الحقيقة كانت الدراسة الثانوية صعبة جداً ومُتشعبة، والمواد الدراسية لا تمت لبعضها بأي صلة.. أحياء وتاريخ وفيزياء.. فلسفة ورياضيات وكيمياء.. عربي وإنجليزي وفر نساوي!!.. وبشِق الأنفس تمكنت من اجتياز الصف الأول، لكن الثانوية العامة بمرحلتيها شيئاً أخر ..كيف يمكنني النجاح والحصول على مجموع دون مساعدة، بدون كتب خارجية وبدون دروس.. والدي يقول: "في أيامنا ماكنش في كتب خارجية ولا دروس وكان الواحد بيذاكر على لمبة جاز".. ربما كان والدي على حق، على كل حال أصبحت الثانوية العامة في أيامنا مغامرة، وقد كانت دوماً مفترق طرق.. لكن الاعتماد على الكتاب المدرسي وحده ليس كافياً بالمرة، فكما ذكرت المواد الدراسية صعبة للغاية ومتشعبة..ربما كان الحل هو الاعتماد على شرح المُدرس داخل الفصل، لكن المُدرس في النهاية موظف يحتاج للقمة العيش لذلك فمن حقه أن يضغط على الطالب لكي ينضم إلى فصول التقوية أو لدرس خصوصي في البيت وكله بتمنه.. وطبعاً لم يكن ذلك بمقدوري لأنه ضد مبادئ والدي ..والدي معذور، لكن مُدرس الفصل عايز يشتغل ويكسب، ثم إن الفصل فيه ستين طالب يشرح لمين ولا لمين، ثم إن المَثل بيقول: الغاوي ينقط بطاقيته.. كدة مُدرس الفصل كمان معذور وعداه العيب، وطبعاً مقدرش ألوم نظام التعليم في البلد، لأني محبش أتكلم في السياسة ونظام التعليم رُكن من أركان السياسة...بكدة إتعددت وجهات النظر..والدي بيقول: الطالب المجتهد هو اللي بيعتمد على نفسه وميحتاجش مساعدة حد..نظام التعليم بيقول: الطالب المجتهد هو اللي بيستفيد من الكتاب المدرسي ومن الشرح في الفصل..ومدرس الفصل بيقول: مستحيل الطالب يستفيد وسط ستين طالب غيره عايزين كلهم يسألوا ويفهموا، وده دور الدروس الخصوصية..أنا شخصياً ماليش وجهة نظر مُستقلة، بس الكلام ده كله بيوصل لنتيجة واحدة، هي إني طالب فاشل ولازم تكون المشكلة فيَّ أنا ..
عزيزي القارئ – أنا عارف إني زهقتك بالكلام عني، وإنك أكيد ندمان على الوقت اللي ضيعته في قراءة مقال كتبه طالب فاشل، لكن أنا نصحتك من البداية.. وطبعاً أكيد أنت في انتظار معرفة السبب وراء كتابة هذه الأفكار بعد سنين من حدوثها...السبب إني انهاردة بس حصلت على شهادة الليسانس.. فهل أنا حقاً طالب فاشل..؟!!