مذكرات حبة حنطة
احلام اليوم الاخير
كانت ليلة مقمرة في نهاية العام سافرت فيها أحلامنا إلى بعيد ..بعيد جدا .. حيث يسكن الحبيب إلى السماء .. كان الجو يساعد على البوح والاعتراف بتلك الأسرار الصغيرة التي تجول بقلوبنا ..
قالت حبة حالمة : كم أود أن اطحن ثم أتألم بنيران المحرقة .. فأصير خبزا نقيا طاهرا يقدم على مذبح الله
فردت عليها أخرى : وأنا أيضا مثلك وان كان الجوعى يثيرون شفقتي .. كم أتمنى أن أصير خبزة تسد جوع طفل صغير ..
همست حبة : آه .. ماذا لو عاد الزمن .. وشاركت في صنع خبزة من تلك الخبزات المباركة التي أشبعت الآلاف ..
قالت حبة بصوت خفيض وهى سارحة ببصرها إلى بعيد .. ربما تستشف المستقبل : رغبتي الأكيدة أن كل الحبوب التي تمتلىء بها سنابلي .. تعود فتدفن في الأرض .. وتموت لتهب العالم ثمارا أكثر فأكثر ..
هتفت حبة بنشاط : أما أنا فأود أن يستخدم الزارع الحبيب امكانياتى الضعيفة في خدمته ما بقى من عمري ..
وظللنا هكذا طيلة الليل .. نتقل بين الأحلام والامانى .. ومع آخر نسمات الليل الباردة .. تكلمت حبة في ركن قصي من الحقل .. حبة صامتة دائما .. لم نعهد منها الكلام .. تكلمت بصوت كأنه أنفاس تتردد .. لم يكن ما تقوله حلما أو أمنية ..بل قصة أو قل حوارا مع النفس ..
قالت : كانت حبة جيدة جدا .. ممتلئة بالنعمة .. منيرة بالرجاء .. كان لها حلمها الخاص .. بل كانت لها أحلامكم كلها مجتمعة ..وعندما بدأت خدمتها كانت كنار تحرق الزوان .. كم من نفوس تابت وقلوب تغيرت ..
كان لكلماتها قوة قائلها .. وكم كانت تتوق لحمل الصليب بكل نشاط وجهاد .. وتدور الأيام وتتسع الخدمة وتزيد المشغوليات .. وتبرد المحبة الأولى .. وتنكشف الذات وبدلا من الجلوس عند أقدام الحبيب ومراجعة الهدف ..
تاهت الحبة في طرق كثيرة ليس بنها طريق الجلجثة وحملت أثقال كثيرة ليس بينها الصليب .. وابتلعتها دوامة الخدمة .. فسقطت حتى الأعماق ..
قلنا : كيف وعهدنا بها إنها تخدم خدمة نارية ؟؟
قالت الحبة في حزن : إننا محدودي الرؤية لقد حدث التعدي في الداخل وهذا لا يخفى على الزارع الحبيب .. لقد صار مجدها في خزيها .. كأنها غيمة بلا ماء تحملها الريح .. أو نجمة تائهة في قتام الظلام إلى الأبد !!
وساد الصمت ربوع الحقل .. ربما انطلقت همهمات أو آهات هنا وهناك
ومع أول خيوط الفجر .. تنسمنا رائحة الحبيب كبخور ذكى وجاءنا صوته كريح دافئة :
احترزوا إذا من يظن انه قائم فلينظر أن لا يسقط .. لأنه إذا سقط فقد لا يعود ويقوم ..
فالجبل الساقط حجارته تنتثر .. وصخره يزحزح من مكانه ..
منقوول
احلام اليوم الاخير
كانت ليلة مقمرة في نهاية العام سافرت فيها أحلامنا إلى بعيد ..بعيد جدا .. حيث يسكن الحبيب إلى السماء .. كان الجو يساعد على البوح والاعتراف بتلك الأسرار الصغيرة التي تجول بقلوبنا ..
قالت حبة حالمة : كم أود أن اطحن ثم أتألم بنيران المحرقة .. فأصير خبزا نقيا طاهرا يقدم على مذبح الله
فردت عليها أخرى : وأنا أيضا مثلك وان كان الجوعى يثيرون شفقتي .. كم أتمنى أن أصير خبزة تسد جوع طفل صغير ..
همست حبة : آه .. ماذا لو عاد الزمن .. وشاركت في صنع خبزة من تلك الخبزات المباركة التي أشبعت الآلاف ..
قالت حبة بصوت خفيض وهى سارحة ببصرها إلى بعيد .. ربما تستشف المستقبل : رغبتي الأكيدة أن كل الحبوب التي تمتلىء بها سنابلي .. تعود فتدفن في الأرض .. وتموت لتهب العالم ثمارا أكثر فأكثر ..
هتفت حبة بنشاط : أما أنا فأود أن يستخدم الزارع الحبيب امكانياتى الضعيفة في خدمته ما بقى من عمري ..
وظللنا هكذا طيلة الليل .. نتقل بين الأحلام والامانى .. ومع آخر نسمات الليل الباردة .. تكلمت حبة في ركن قصي من الحقل .. حبة صامتة دائما .. لم نعهد منها الكلام .. تكلمت بصوت كأنه أنفاس تتردد .. لم يكن ما تقوله حلما أو أمنية ..بل قصة أو قل حوارا مع النفس ..
قالت : كانت حبة جيدة جدا .. ممتلئة بالنعمة .. منيرة بالرجاء .. كان لها حلمها الخاص .. بل كانت لها أحلامكم كلها مجتمعة ..وعندما بدأت خدمتها كانت كنار تحرق الزوان .. كم من نفوس تابت وقلوب تغيرت ..
كان لكلماتها قوة قائلها .. وكم كانت تتوق لحمل الصليب بكل نشاط وجهاد .. وتدور الأيام وتتسع الخدمة وتزيد المشغوليات .. وتبرد المحبة الأولى .. وتنكشف الذات وبدلا من الجلوس عند أقدام الحبيب ومراجعة الهدف ..
تاهت الحبة في طرق كثيرة ليس بنها طريق الجلجثة وحملت أثقال كثيرة ليس بينها الصليب .. وابتلعتها دوامة الخدمة .. فسقطت حتى الأعماق ..
قلنا : كيف وعهدنا بها إنها تخدم خدمة نارية ؟؟
قالت الحبة في حزن : إننا محدودي الرؤية لقد حدث التعدي في الداخل وهذا لا يخفى على الزارع الحبيب .. لقد صار مجدها في خزيها .. كأنها غيمة بلا ماء تحملها الريح .. أو نجمة تائهة في قتام الظلام إلى الأبد !!
وساد الصمت ربوع الحقل .. ربما انطلقت همهمات أو آهات هنا وهناك
ومع أول خيوط الفجر .. تنسمنا رائحة الحبيب كبخور ذكى وجاءنا صوته كريح دافئة :
احترزوا إذا من يظن انه قائم فلينظر أن لا يسقط .. لأنه إذا سقط فقد لا يعود ويقوم ..
فالجبل الساقط حجارته تنتثر .. وصخره يزحزح من مكانه ..
منقوول